هل القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة شفاء لكافة الأمراض العضوية ؟؟؟
في حقيقة الأمر فإن الأدلة النقلية الصريحة من كتاب الله ومن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم تؤكد على هذه الحقيقة ، ولا بد قبل الإجابة عن هذا التساؤل من استقراء النصوص القرآنية والحديثية للوقوف على حقيقة الأمر ، وهي على النحو التالي :
* أولاً : النصوص القرآنية الدالة على أن القرآن شفاء :
1)- يقول تعالى : ( وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا ) ( سورة الإسراء – الآية 82 ) 0
* قال ابن القيم - رحمه الله - : ( والأظهر أن " من " هنا لبيان الجنس فالقرآن جميعه شفاء ورحمة للمؤمنين ) ( إغاثة اللهفان – 1 / 24 ) 0
* قال الشيخ عبدالرحمن السعدي : ( فالشفاء : الذي تضمنه القرآن ، عام لشفاء القلوب ، ولشفاء الأبدان من آلامها وأسقامها ) ( تيسير الكريم الرحمن – باختصار – 3 / 128 ) 0
2)- وقال تعالى : ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءامَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ) ( سورة فصلت – الآية 44 ) 0
قال الشيخ عبدالرحمن السعدي : ( ولهذا قال : ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءامَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ) أي : يهديهم لطريق الرشد ، والصراط المستقيم ، ويعلمهم من العلوم النافعة ما به تحصل الهداية التامة 0 وشفاء لهم من الأسقام البدنية ، والأسقام القلبية ، لأنه يزجر عن مساوئ الأخلاق ، وأقبح الأعمال ، ويحث على التوبة النصوح ، التي تغسل الذنوب ، وتُشفي القلب ) ( تيسير الكريم الرحمن – باختصار – 4 / 403 ) 0
* أقوال أهلم العلم والباحثين على أن القرآن الكريم شفاء للأمراض على اختلاف أنواعها :
قال ابن القيم – رحمه الله - : ( وقد اشتملت الفاتحة على الشفاءين : شفاء القلوب ، وشفاء الأبدان 0
أما تضمنها لشفاء الأبدان : فنذكر منه ما جاءت فيه السنة،ثم ساق - رحمه الله – حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – الى أن قال : فقد تضمن هذا الحديث حصول شفاء هذا اللديغ بقراءة الفاتحة عليه ، فأغنته عن الدواء وربما بلغت من شفائه ما لم يبلغه الدواء 0
هذا مع كون المحل غير قابل ، إما لكون هؤلاء الحي غير مسلمين ، أو أهل بخل ولؤم ، فكيف إذا كان المحل قابلا ) ( تهذيب مدارج السالكين – باختصار – 53 ، 55 ) 0
وقال - رحمه الله - : ( ولقد مر بي وقت بمكة سقمت فيه ، وفقدت الطبيب والدواء ، فكنت أتعالج بها ، آخذ شربة من ماء زمزم ، وأقرؤها عليها مرارا ( يعني فاتحة الكتاب ) ، ثم أشربه ، فوجدت بذلك البرء التام ، ثم صرت أعتمد ذلك عند كثير من الأوجاع ، فأنتفع بها غاية الانتفاع ) ( الطب النبوي – ص 178 ) 0
* قال النووي : ( وفي هذا الحديث استحباب الرقية بالقرآن وبالأذكار، وإنما رقى بالمعوذات لأنهن جامعات للاستعاذة من كل المكروهات جملة وتفصيلا ، ففيها الاستعاذة من شر ما خلق ، فيدخل فيه كل شيء ، ومن شر النفاثات في العقد ، ومن السواحر ، ومن شر الحاسدين ، ومن شر الوسواس الخناس ، والله أعلم ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 13 ، 14 ، 15 / 351 ، 352 ) 0
قال المناوي : ( قال ابن حجر : وهذا لا يدل على المنع من التعوذ بغير هاتين السورتين بل يدل على الأولوية سيما مع ثبوت التعوذ بغيرهما ، وإنما اكتفى بهما لما اشتملتا عليه من جوامع الكلم والاستعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلا ) ( فيض القدير - 5 / 202 ) 0
قال النسفي : ( قال ابن عباس : إذا اعتللت أو اشتكيت فعليكم بالأساس – أي فاتحة الكتاب - ) ( تفسير النسفي - 1 / 3 ) 0
* قال الشوكاني : ( واختلف أهل العلم في معنى كونه شفاء على قولين :-
الأول : أنه شفاء للقلوب بزوال الجهل عنها وذهاب الريب وكشف الغطاء عن الأمور الدالة على الله 0
والقول الثاني : أنه شفاء من الأمراض الظاهرة بالرقي والتعوذ ونحو ذلك 0 ولا مانع من حمل الشفاء على المعنيين من باب عموم المجاز ، أو من باب حمل المشترك على معنييه ) ( فتح القدير – 3 / 253 ) 0
وقال أيضاً : ( أخرج البيهقي في "شعب الإيمان" عن وائلة بن الأسقع : أن رجلاً شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجع حلقه 0 فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عليك بقراءة القرآن والعسل فالقرآن شفاء لما في الصدور والعسل شفاء من كل داء " " قلت : ولم أقف على مدى صحة الحديث آنف الذكر إلا أن معناه صحيح كما يتضح من خلال نصوص الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة الدالة على ذلك " 000 ) ( فتح القدير – 2 / 454 ، أنظر سنن البيهقي الكبرى – 9 / 345 ) 0
* قال السيوطي : ( وأخرج البيهقي عن طلحة بن مصرف قال : كان يقال : أن المريض إذا قرئ عنده القرآن وجد له خفة 0 فدخلت على خيثمة وهو مريض فقلت : إني أراك اليوم صالحا0 قال : إنه قرئ عندي القرآن ) ( الدر المنثور – 3 / 553 ) 0
* روى الخطيب أبو بكر البغدادي – رحمه الله – بإسناده قال : ( أن الرماوي الحافظ الحجة أبي بكر بن منصور كان إذا اشتكى شيئاً قال : هاتوا أصحاب الحديث ، فإذا حضروا ، قال " اقرءوا علي الحديث " قال الإمام النووي : فهذا في الحديث فالقرآن أولى ) ( تذكرة الحافظ - 2 / 546 ، وقد ذكره النووي في " التبيان في آداب حملة القرآن " ) 0
* قال الدكتور محمد محمود عبدالله مدرس علوم القرآن بالأزهر : ( والإيدز ، لا يرتقي إلا أن يكون داء ضمن عامة الأمراض التي تشفيها ( فاتحة الكتاب ) بإذن الله تعالى كدواء معنوي يقرأ على المريض أو يقرأه المريض على نفسه أو يقرأ على ماء يشرب منه ويغتسل ) ( بديع القرآن - ص 40 ) 0
* قال الدكتور عمر يوسف حمزة : ( وقد ذهب عدد من العلماء إلى أن القرآن يتضمن شفاء الأبدان كما تضمن شفاء الروح 0 ومن هؤلاء العلماء الإمام الرازي في التفسير الكبير 21 / 35 والإمام أبو حيان في البحر المحيط 6 / 74 والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 9 / 316 وغيرهم ، وذكروا في تأييد رأيهم بأن القرآن شفاء من الأمراض الجسمانية فلأن الترك بقراءته يدفع كثيراً من الأمراض ، ولما اعترف الجمهور من الفلاسفة وأصحاب الطلسمات بأن لقراءة الرقي المجهولة والعزايم التي لا يفهم منها شيء آثاراً عظيمة في تحصيل المنافع ودفع المفاسد، فلأن تكون قراءة هذا القرآن العظيم المشتمل على ذكر جلال الله وكبريائه وتعظيم الملائكة المقربين وتحقير المردة والشياطين سبباً لحصول النفع في الدين والدنيا كان أولى ويتأكد ما ذكرنا بالأحاديث الصحيحة ) ( التداوي بالقرآن والسنة والحبة السوداء – ص 41 ) 0
* قال الأستاذ سعيد اللحام : ( القرآن الكريم هو هدى وشفاء للذين آمنوا ، وهو شفاء لكل ما تسببه أدواء وأوصاب العقل والنفس والصدر من أمراض ، وهو شفاء أيضاً لبعض ما قدَّره الله على العباد من أمراض ) ( التداوي بالقرآن الكريم – ياختصار – ص 22 ، 23 ) 0
وبالجملة فالقرآن كله خير وشفاء كما أفاد بذلك أهل العلم الأجلاء ، وهو شفاء لأمراض القلوب من حقد وحسد ونميمة ونحوه ، وكذلك شفاء لأمراض الأبدان ، والرقى والتعاويذ من أعظم ما يزيل أثر الأمراض بشكل عام سواء العضوية أو النفسية أو الروحية من صرع وسحر وعين وحسد بعد وقوعها بإذن الله تعالى ، وهناك بعض الآيات أو السور التي ثبت نفعها في الرقية بشكل عام ، كما ثبت وقعها وتأثيرها في إزالة أثر تلك الأمراض على اختلاف أنواعها ومراتبها ، وكل ذلك يحتاج من المريض للإرادة والعزيمة واليقين التام بكل آية بل بكل حرف من كتاب الله عز وجل ، وبكل ما نطق به رسول الله صلى الله عليه وسلم من السنة المأثورة 0
* ثانيا : النصوص الحديثية الدالة على أن القرآن والسنة شفاء :
1)- عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب ، فاستضافوهم ، فأبوا أن يضيفوهم ، فلدغ سيد ذلك الحي ، فسعوا له بكل شئ لا ينفعه شيء ، فقال بعضهم : لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعلهم أن يكون عند بعضهم شيء ، فأتوهم ، فقالوا : يا أيها الرهط ! إن سيدنا لدغ ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه ، فهل عند أحد منكم من شيء ؟ فقال بعضهم : نعم والله إني لأرقي ، ولكن استضفناكم، فلم تضيفونا، فما أنا براق حتى تجعلوا لنا جعلا، فصالحوهم على قطيع من الغنم ، فانطلق يتفل عليه، ويقرأ : الحمد لله رب العالمين ، فكأنما أنشط من عقال ، فانطلق يمشي وما به قلبة ، قال : فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه ، فقال بعضهم : اقتسموا ، فقال الذي رقى : لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنذكر له الذي كان ، فننظر ما يأمرنا ، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له ذلك ، فقال وما يدريك أنها رقية ؟ ) ، ثم قال قد أصبتم ، اقسموا واضربوا لي معكم سهما ) ( متفق عليه ) 0
ومن تتبع النص السابق يتبين بأن القرآن الكريم شفاء لأمراض الأبدان ، وقد يبلغ به حصول شفاء الأمراض البدنية ما لا يبلغه الدواء 0
وفي ذلك يقول ابن القيم - رحمه الله - : ( فقد تضمن هذا الحديث حصول شفاء هذا اللديغ بقراءة الفاتحة عليه 0 فأغنته عن الدواء 0 وربما بلغت من شفائه ما لم يبلغه الدواء ) ( مدارج السالكين - 1 / 67 ) 0
قال ابن كثير – رحمه الله - : ( وقد ورد أن أمير المؤمنين عمر – رضي الله عنه – كان يرقى ويحصن بالفاتحة 00 وقد سمّاها رسول الله صلى الله عليه وسلم " بالرَّاقية والشَّافية" ) ( تفسير القرآن العظيم – تفسير سورة الفاتحة ) 0
قال الشيخ محمد الغزالي – رحمه الله - : ( لقد استوقفتني هذه القصة من وجوه عدة 000 فإن فاتحة الكتاب سورة عظيمة القدر بما حوت من تمجيد لله ودعاء ، فكان ظني أنها تنفع قارئها وحده ، أما أن تنفع المقروء له ، فذاك ما أثبتته القصة هنا ) ( الشافيات العشر – ص 27 ) 0
قال الشيخ عطية محمد سالم – رحمه الله – معقباً على حديث عم خارجة بن الصلت التميمي – رضي الله عنه – بعد اسلامه ومروره على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد ورقيته بفاتحة الكتاب وشفاءه بإذن الله عز وجل :
( فهذا معتوه فاقد الأهلية والتمييز ذاهب العقل ، سواء كان لخلل في المخ والعقل أو لمس من الجن ، فهو أمر معنوي ، وقد شفي بالفاتحة ، فتكون الفاتحة رقية للأمور المحسوسة كلدغ العقرب والأمور المعنوية كالمعتوه ، وهذا أيضا ليس عن علم مسبق ، ولا نص يعتمد عليه ، إنه كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وفي طريق عودته إلى دياره مر بهذا الحي ، وفيه هذا المعتوه ، ولما رجع الي النبي صلى الله عليه وسلم أقره على ذلك ، وسماها رقيا حق ، وأباح له الجعل من الغنم مائة شاة 00 وعليه فإن استشفى بالفاتحة لكل مرض فعنده أصل من هاتين الصورتين اللديغ والمعتوه ) ( العين والرقية والاستشفاء من القرآن والسنة - ص 102- 103 ) 0
2)- عن ابن مسعود وعائشة ومحمد بن حاطب وجميلة بنت المجلل - رضوان الله تعالى عنهم أجمعين - : قالوا : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى المريض فدعا له ، وفي رواية يعوذ بعضهم بمسحه بيمينه ويقول : ( أذهب الباس 0 رب الناس 0 واشف أنت الشافي 0 لا شفاء إلا شفاؤك 0 شفاء لا يغادر سقما ) ( متفق عليه ) 0
قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( قال ابن بطال في وضع اليد على المريض : تأنيس له وتعرف لشدة مرضه ليدعوا له بالعافية على حسب ما يبدوا له منه وربما رقاه بيده ومسح على ألمه بما ينتفع به العليل إذا كان العائد صالحا ) ( فتح الباري – 10 / 126 ) 0
قال النووي : ( قولها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى منا إنسان مسحه بيمينه ، ثم قال " أذهب الباس " إلى آخره فيه استحباب مسح المريض باليمين ، والدعاء له ، ومعنى " لا يغادر سقما " أي لا يترك ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 13 ، 14 ، 15 / 351 ) 0
3)- عن عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنه - أنه قال : أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وبي وجع قد كاد يهلكني ، فقال : ( امسح بيمينك سبع مرات وقل : أعوذ بعزة الله وقدرته وسلطانه ، من شر ما أجد 0 قال : ففعلت فأذهب الله ما كان بي ، فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم ) ( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتاب السلام ( 67 ) : باب استحباب وضع يده على موضع الألم ، مع الدعاء – برقم 2202 ) 0
قال المباركفوري : ( وللترمذي في الدعوات وحسنه والحاكم وصححه عن محمد بن سالم قال : قال لي ثابت البناني : يا محمد إذا اشتكيت فضع يديك حيث تشتكي ثم قل بسم الله أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد من وجعي ثم ارفع يدك ثم أعد ذلك وترا ، قال فإن أنس بن مالك حدثني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه بذلك " قال " أي عثمان " ففعلت " أي ما قال لي " فأذهب الله ما كان بي" أي من الوجع "فلم ازل آمر به أهلي وغيرهم" لأنه من الأدوية الإلهية والطب النبوي ، لما فيه من ذكر الله والتفويض إليه والاستعاذة بعزته وقدرته ، وتكراره يكون أنجع وأبلغ كتكرار الدواء الطبيعي لاستقصاء إخراج المادة ) ( تحفة الأحوذي - 6 / 212 ) 0
قال النووي : ( ومقصوده أنه يستحب وضع يده على موضع الألم ، ويأتي بالدعاء المذكور 0 والله أعلم ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 13 ، 14 ، 15 / 357 ) 0
4)- عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما من مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله فيقول سبع مرات : أسأل الله العظيم ، رب العرش العظيم ، أن يشفيك ، إلا عوفي ) ( صحيح الجامع 5766 ) 0
5)- عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عليكم بالشفاءين العسل والقرآن ) ( أنظر كتاب الأمراض والكفارات والطب والرقيات – للإمام أبي عبدالله ضياء الدين المقدسي – تحقيق الشيخ أبو اسحاق الحويني الأثري ، قال – حفظه الله – في هذا الحديث : " صحيح موقوفا " ، وقد ضعفه الألباني – ضعيف الجامع 3765 ) 0
قلت : ومع أن الحديث فيه كلام لبعض أهل العلم ، إلا أن معناه صحيح ، لما له من شواهد دالة على صحته سواء من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما ذكرته آنفا في أدلة كتاب الله على أن القرآن شفاء يغني عما سواه ، وقد دلت النصوص النقلية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على أن العسل شفاء بإذن الله 0
قال ابن طولون : ( وقوله صلى الله عليه وسلم : " عليكم بالشفاءين العسل والقرآن " وجمع في هذا القرآن بين الطب البشري والطب الإلهي ، وبين الفاعل الطبيعي والفاعل الروحاني ، وبين طب الأجساد وطب الأنفس ، وبالسبب الأرضي والسبب السماوي 0 وقوله صلى الله عليه وسلم " عليكم بالشفاءين " فيه سر لطيف أي لا يكتفى بالقرآن وحده ويبطل السعي ؛ بل يعمل بما أمر ويسعى في الرزق كما قدر ، ويسأله المعونة والتوفيق ) ( المنهل الروي في الطب النبوي - بتصرف - ص 250 - 252 ) 0
6)- عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وامرأة تعالجها أو ترقيها ، فقال : ( عالجيها بكتاب الله ) ( أخرجه ابن حبان في صحيحه - برقم ( 1419 ) ، أنظر السلسلة الصحيحة 1931 ) 0
7)- عن جابر – رضي الله عنه – أنه دعي لامرأة بالمدينة لدغتها حية ليرقيها فأبى فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه ، فقال عمر : إنك تزجر عن الرقى !! فقال : اقرأها علي ، فقرأها عليه 0 فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا بأس ، إنما هي مواثيق فارق بها ) ( أخرجه الإمام أحمد في مسنده ، وابن ماجة في سننه ، والسيوطي في " الكبير " ، وقال الألباني حديث حسن ، أنظر صحيح ابن ماجة 2833 – السلسلة الصحيحة 472 ) 0
قال صاحب الفتح الرباني : ( وإنما قال صلى الله عليه وسلم " اقرأها علي " خشية أن يكون فيها شيء من شرك الجاهلية ، فلما لم يجد شيئا من ذلك قال :" لا بأس وأذن له بها " ) ( الفتح الرباني – 17 / 178 ) 0
8)- عن عائشة بنت سعد أن أباها قال : ( تشكيت بمكة شكوى شديدة فجاءني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني 0 قلت : يا نبي الله إني أترك مالا وإني لم أترك إلا بنتا واحدة فأوصي بثلث مالي وأترك الثلث ؟ فقال : لا0 قلت: فأوصي بالنصف وأترك النصف ؟ قال : لا 0 قلت : فأوصي بالثلث وأترك الثلثين ؟ قال : الثلث والثلث كثير 0 ثم وضع يده على جبهته ثم مسح يده على وجهي وبطني ثم قال : " اللهم اشف سعد وأتمم له هجرته " ) ( أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المرضى ( 13 ) - برقم ( 5659 ) – أنظر صحيح أبو داود 2661 ) 0
بعد هذا العرض الشامل للنصوص القرآنية والحديثية يتضح أن القرآن والسنة شفاء لكثير من الأمراض المتنوعة على اختلاف أنواعها ومراتبها، وهذه الخاصية لا ينكرها إلا جاحد أو جاهل أو حاقد لا يعلم حقيقة هذين الأصلين ، ولم يدرك المنبع والمصدر لكليهما ، أو أنه يتجاهل تلك الحقائق، ويقيس الحياة بمقياس معنوي مادي محسوس ، دون النظر إلى القرائن والأدلة الثابتة من الكتاب والسنة التي تبين ذلك وتؤكده 0
ولا بد للمؤمن أن يعتقد أن القرآن دواء وشفاء بإذن الله لكافة الأمراض العضوية والنفسية والأمراض التي تصيب النفس البشرية من صرع وسحر وعين وحسد ونحوه ، وأن يتيقن أن العلاج بالقرآن الكريم حقيقة واقعة ، أثبتتها الأدلة القطعية من الكتاب والسنة ومن ثم الخبرة والتجربة العملية ، ومن فسر شفاء القرآن على أنه شفاء للقلوب فهو تفسير قاصر ، لأنه شفاء لأمراض القلوب والأبدان معا 0
* ثالثا : أقوال أهل العلم في الرقية الشرعية :
* قال النووي -رحمه الله تعالى- في شرح " وما أدراك أنها رقية " : ( فيه التصريح بأنها رقية فيستحب أن يقرأ بها على اللديغ والمريض وسائر أصحاب الأسقام – أي الأمراض - والعاهات – أي البلايا والآفات - ) ( صحيح مسلم بشرح النووي – 13 ، 14 ، 15 / 356 ) 0
* قال الحافظ بن حجر في الفتح : ( قال الإمام القرطبي معلقا على حديث عائشة " بسم الله ، تربة أرضنا ، بريقة بعضنا ، يشفي سقيمنا ، بإذن ربنا " : فيه دلالة على جواز الرقى من كل الآلام ) ( فتح الباري – 10 / 208 ) 0
* وقال أيضا : ( قال البغوي - رحمه الله - : " تجوز الرقية بذكر الله سبحانه وتعالى في جميع الأوجاع " ) ( فتح الباري - 12 / 162 ) 0
* قال ابن القيم - رحمه الله - : ( فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية ، وأدواء الدنيا والآخرة ، وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء به ، وإذا أحسن العليل التداوي به ، ووضعه على دائه بصدق وإيمان ، وقبول تام ، واعتقاد جازم ، واستيفاء شروطه ، لم يقاومه الداء أبدا ، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها أو على الأرض لقطعها ، فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه الله فهما في كتابه ، قال تعالى : ( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) ( سورة العنكبوت - الآية 51 ) فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله ، ومن لم يكفه القرآن فلا كفاه الله ) ( الطب النبوي - 352 ) 0
* وقال في موضع آخر : ( وقد علم أن الأرواح متى قويت ، وقويت النفس والطبيعة تعاونا على دفع الداء وقهره ، فكيف ينكر لمن قويت طبيعته ونفسه ، وفرحت بقربها من بارئها ، وأنسها به ، وحبها له ، وتنعمها بذكره ، وانصراف قواها كلها إليه ، وجمعها عليه ، واستعانتها به ، وتوكلها عليه ، أن يكون ذلك لها من أكبر الأدوية ، وأن توجب لها هذه القوة دفع الألم بالكلية ، ولا ينكر هذا إلا أجهل الناس ، وأغلظهم حجابا ، وأكثفهم نفسا ، وأبعدهم عن الله وعن حقيقة الإنسانية ) ( الطب النبوي – ص 12 ) 0
* وقال أيضا : ( ومن المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة ، فما الظن بكلام رب العالمين ، الذي فضله على كل كرم كفضل الله على خلقه ، الذي هو الشفاء التام ، والعصمة النافعة ، والنور الهادي ، والرحمة العامة ، الذي لو أنزل على جبل لتصدع من عظمته وجلاله ، قال تعالى : ( وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرءانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) ( سورة الإسراء – الآية 82 ) و " من " هنا بيان الجنس ، لا للتبعيض 0 هذا أصح القولين ) ( زاد المعاد – 4 / 177 ) 0
* وقال : ( واعلم أن الأدوية الإلهية تنفع من الداء بعد حصوله ، وتمنع من وقوعه ، وإن وقع لم يقع وقوعا مضرا وإن كان مؤذيا ، والأدوية الطبيعية إنما تنفع بعد حصول الداء ، فالتعوذات والأذكار إما أن تمنع وقوع هذه الأسباب ، وإما أن تحول بينها وبين كمال تأثيرها بحسب كمال التعوذ وقوته وضعفه، فالرقى والعوذ تستعمل لحفظ الصحة، ولإزالة المرض ) ( زاد المعاد - 4 / 182 ) 0
إن التدبر والتفكر في تلك الكلمات والمعاني التي أطلقها ابن القيم - رحمه الله - يورث صفاء ونقاء في طبيعة النفس البشرية ، وفهما يربط العبد بخالقه أيما ارتباط ، ويؤصل مفهوما حقيقيا في التوكل والاعتماد واللجوء والخوف والرجاء ، بحيث تسمو النفس بكل ذلك لتصل لمرتبة عظيمة من مراتب الإيمان ، قل أن يصلها العبد دون إدراك وفهم لتلك المقومات ، إن كثيرا من الناس أصيبوا بمرض عضال ، وقد بين الطب استحالة شفائهم من ذلك المرض ، وذكروا لهم أن أيامهم في الحياة معدودة ، وعلم أولئك أن الموت والحياة بيد الله سبحانه ، فأناخوا جنابهم له ، وتضرعوا بسرهم ونجواهم إليه ، وسألوه من قلب مخلص ذليل مسألة المحتاج ، وانطرحوا على أعتاب بابه يسألونه الصحة والعافية ، بعد علمهم أن الحول والقوة بيده سبحانه ، ولجأوا إلى قرآنه ، والرقية بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وفجأة ينقلب الأمر ، ويعود ذلك الإنسان إلى سابق عهده بصحته وعافيته ، ويقف الطب المادي عاجزا عن تفسير ذلك ، مع أن تفسيره سهل ميسور ، فالذي أودع الحقائق في هذا الكون وسخره ودبره ، هو القادر وحده سبحانه وتعالى على التحكم بكافة أمور الحياة ، وأمره أن يقول للشيء كون فيكون ، فهو الذي جعل النار بردا وسلاما على إبراهيم عليه السلام ، وهو الذي جعل الرقية سببا للشفاء والعلاج ، إذا توفرت الشروط والقواعد والأسس التي تضبطها من قبل المعالِج والمعالَج ، فهو الذي كتب الأمراض ويسر الشفاء بأمره سبحانه ، يقول تعالى في محكم كتابه : ( وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ) ( سورة القمر – الآية 50 ) ، ويقول في موضع آخر : ( إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) ( سورة النحل – الآية 40 ) ، ويقول سبحانه في موضع آخر : ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) ( سورة البقرة – الآية 117 ) 0 إن الذي أرشدنا لطريق الرقية وأسلوبها ومنهجها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فلله الحمد والمنة على ما أنعم به على عباده 0
* قال ابن حزم : ( جربنا من كان يرقي الدمل الحاد القوي الظهور في أول ظهوره، فيبدأ من يومه ذلك بالذبول ، ويتم يبسه في اليوم الثالث ، ويقلع كما تقلع قشرة القرحة إذا تم يبسها، جربنا من ذلك مالا نحصيه ، وكانت هذه المرأة ترقي أحد دملين قد دفعا على إنسان واحد ، ولا ترقي الثاني ، فيبس الذي رقت ، ويتم ظهور الذي لم ترق ، ويلقى منه حامله الأذى الشديد ، وشاهدنا من كان يرقي الورم المعروف بالخنازير ، فيندمل ما يفتح منها ، ويذبل ما لم ينفتح ، ويبرأ ) ( الفصل في الملل والأهواء والنحل - 2 / 4 ) 0
* أخبرنا عبدالرزاق عن معمر عن أيوب عن نافع قال : ( اكتوى ابن عمر من اللقوة – داء في الوجه - ، ورقى من العقرب ) ( مصنف عبدالرزاق – 11 / 18 ) 0
* أخبرنا عبدالرزاق عن معمر عن سماك بن الفضل قال : ( أخبرني من رأى ابن عمر ورجل بربري يرقي على رجله من حمرة – ورم من جنس الطواعين - بها أو شبهة ) ( مصنف عبدالرزاق – 11 / 18 ) 0
* قال الشبلي : ( وفي التطبب والاستشفاء بكتاب الله عز وجل غنى تام ، ومنفع عام ، وهو النور ، والشفاء لما في الصدور ، والوقاء الدافع لكل محذور ، والرحمة للمؤمنين من الأحياء وأهل القبور 0 وفقنا الله لإدراك معانيه ، وأوقفنا عند أوامره ونواهيه 0 ومن تدبر من آيات الكتاب ، من ذوي الألباب ، وقف على الدواء الشافي لكل داء مواف، سوى الموت الذي هو غاية كل حي ، فإن الله تعالى يقول : ( مَا فَرَّطْنَا فِى الْكِتَابِ مِنْ شِىْءٍ ) ( سورة الأنعام – الآية 38 ) 0 وخواص الآيات والأذكار لا ينكرها إلا من عقيدته واهية ، ولكن لا يعقلها إلا العالمون لأنها تذكرة وتعيها أذن واعية والله الهادي للحق ) ( أحكام الجان – ص 140 ) 0
* سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عن التداوي والعلاج بالقرآن والاستشفاء به من الأمراض العضوية كالسرطان ونحوه ، وكذلك الاستشفاء به من الأمراض الروحية كالعين والمس وغيرهما ؟
فأجاب – رحمه الله - : ( القرآن والدعاء فيهما شفاء من كل سوء – بإذن الله - والأدلة على ذلك كثيرة منها قوله تعالى : ( 000 قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءامَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ 00 ) ( سورة فصلت – الآية 44 ) وقوله سبحانه : ( وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ 00 ) ( سورة الإسراء – الآية 82 ) وكان النبي صلى الله عليه وسلم " إذا اشتكى شيئا قرأ في كفيه عند النوم سورة " قل هو الله أحد " و " المعوذتين " ثلاث مرات ثم يمسح في كل مرة على ما استطاع من جسده فيبدأ برأسه ووجهه وصدره في كل مرة عند النوم ، كما صح الحديث بذلك عن عائشة – رضي الله عنها – " " أخرجه الإمام البخاري في صحيحه – كتاب فضائل القرآن – باب فضل المعوذات ( 14 ) - برقم 5017 ) ( مجلة الدعوة - العدد 1497 - 1 صفر 1416 هـ ) 0
* سئل فضيلة الشيخ صالح الفوزان عن علاج الأمراض العضوية بالقرآن فأجاب – حفظه الله - : ( قد جعل الله القرآن شفاء للأمراض الحسية والمعنوية من أمراض القلوب وأمراض الأبدان ، لكن بشرط إخلاص النية من الراقي والمرقي ، وأن يعتقد كل منهما أن الشفاء من عند الله ، وأن الرقية بكلام الله سبب من الأسباب النافعة 0
ولا بأس بالذهاب إلى الذين يعالجون بالقرآن إذا عرفوا بالاستقامة وسلامة العقيدة ، وعرف عنهم أنهم لا يعملون الرقى الشركية ، ولا يستعينون بالجن والشياطين ، وإنما يعالجون بالرقية الشرعية 0
والعلاج بالرقية القرآنية من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وعمل السلف ، فقد كانوا يعالجون بها المصاب بالعين والصرع والسحر وسائر الأمراض ، ويعتقدون أنها من الأسباب النافعة المباحة، وأن الشافي هو الله وحده ) ( السحر والشعوذة – باختصار – ص 94 ، 95 ) 0
* سئل الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع عن حكم العلاج بالقرآن فأجاب – حفظه الله - : ( لا شك أن الرقية جائزة 0 فقد ثبت أن جبريل عليه السلام رقى الرسول صلى الله عليه وسلم ، وثبت كذلك أن بعضا من أصحابه صلى الله عليه وسلم كانوا في سفر واستضافوا بعض الأعراب فلم يضيفوهم فأصيب سيدهم بلسعة عقرب فجاءوا إليهم يسألونهم هل فيهم قارئ فأجابوا نعم ولكن بأجرة، فقرأ عليه أحدهم بفاتحة الكتاب الحمد لله رب العالمين - فبرأ من لسعته وأعطوهم أجرتهم قطيعا من الغنم 0 فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نتصرف في هذا إلا بعد سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه فأقرهم على هذا وفي بعض الروايات قال :" واضربوا لي معكم بسهم " والأخذ بالرقية لا ينافي التوكل ) ( مجلة الأسرة - صفحة 38 - العدد 69 ذو القعدة 1419 هـ ) 0
* يقول فضيلة الشيخ عبدالمحسن بن ناصر العبيكان – حفظه الله – في تقديمه للكتاب الموسوم " كيف تعالج مريضك بالرقية الشرعية " للشيخ عبدالله بن محمد السدحان : ( والناس في هذا الزمن خاصة في أشد الحاجة للعلاج بالرقية الشرعية لانتشار الأمراض التي لا يوجد لها في الطب الحديث علاج كالسحر والعين ومس الجن ) ( كيف تعالج مريضك بالرقية الشرعية ؟ - ص 13 ) 0
* قال فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي - حفظه الله – تحت عنوان من أي شيء تكون الرقية ؟ ما نصه : ( أثبتت الأحاديث الصحاح : أن الرقية مشروعة من كل الآلام والأمراض التي تصيب المسلم ) ( موقف الإسلام من الإلهام والكشف والرؤى ومن التمائم والكهانة والرقى – ص 167 ) 0
* رابعا : أقوال الدعاة والباحثون والكتاب والمتخصصون في الرقية الشرعية :
* قال الأستاذ سيد قطب : ( القرآن شفاء من العلل الاجتماعية التي تخلخل بناء الجماعات وتذهب بسلامتها وأمنها وطمأنينتها 0
وعندما يصبح القرآن ربيع القلب ، ونور الصدر ، وجلاء الحزن ، وذهاب الهم ، فإنه بمنزلة الدواء الذي يستأصل الداء ويعيد البدن إلى صحته واعتداله بعد مرضه واعتلاله ) ( في ظلال القرآن – ياختصار – 4 / 2248 ) 0
* قال الدكتور الحسيني أبو فرحة - رئيس قسم التفسير - جامعة الأزهر : ( إن العلاج بالقرآن الكريم من مختلف الأمراض أمر صحيح يحتاج إلى رجل صالح يمتلئ قلبه إيمانا بالله عز وجل ويقينا في قدرته سبحانه وتعالى ، فقد ثبت في الصحيح أن بعض الصحابة عالجوا سيد أحد أحياء العرب من لدغة العقرب بقراءة سورة الفاتحة على موضع اللدغ مقابل قطيع من الغنم كأجر ، وعندما عرضوا الأمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرهم على العلاج بالقرآن وعلى أخذهم الأجر على ذلك 0
وكان صلى الله عليه وسلم يؤتى إليه بالمريض فيأخذ في علاجه بالدعاء وقراءة القرآن فيبرأ المريض ، وقد اختلف العلماء هل هذا العلاج لكل من اتبعه صلى الله عليه وسلم من كبار الربانيين أي العلماء العاملين أهل الصدق والولاية ، فذهب إلى هذا قوم ، وذهب إلى ذاك قوم آخرون ، والذي أرجحه أن كل ولي في المسلمين في أي زمان ومكان يمكنه أن يعالج بهذا العلاج النبوي الشريف ) ( العلاج بالقرآن من أمراض الجان - 151 ، 152 ) 0
* يقول الدكتور عبدالمنعم القصاص، الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية والعربية وعضو لجنة الفتوى بالأزهر : ( أنه يجوز علاج جميع الأمراض حين قال سبحانه وتعالى : ( وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) ( سورة الإسراء – الآية 82 ) ولكن مع العلاج بالقرآن لا بد أن نذهب إلى الأطباء ولا ننسى دورهم في هذا الشأن ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا بالتداوي ، فهذه الأمراض الفتاكة بجسم الإنسان يجب أن يتداوى الناس منها بالقرآن وعند الأطباء المتخصصين ) ( العلاج بالقرآن من أمراض الجان – ص 152 ) 0
* يقول الشيخ الدكتور محمد الخميس المدرس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - كلية أصول الدين – قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة - في تقديمه للكتاب الموسوم " كيف تعالج مريضك بالرقية الشرعية " : ( وخصوصا أن الناس في زماننا قد انتشرت بينهم أمراض كثيرة نتيجة الغفلة عن شرع الله والإعراض عن ذكره ، وكثير منهم لا يلتفت إلى الرقية الشرعية ، ولا يعيرها بالاً بل يكتفي بالأدوية المادية فقط ، والبعض يطعن في إثبات العين وأثرها ، ولا يشير باستعمال الرقية الشرعية ، هذا مع أن الطب قد عجز عن كثير من هذه الأمراض ) ( كيف تعالج مريضك بالرقية الشرعية ؟ - ص 9 ، 10 ) 0
* وقال الشيخ سعد البريك في تقديمه لكتاب " الفتاوى الذهبية في الرقى الشرعية " : ( لقد باتت الحاجة ماسة إلى توسيع دائرة الانتفاع والعلاج بالرقى الشرعية ، لما ثبت لها من أثر جلي في شفاء كثير من الأمراض النفسية وغيرها تلك التي استعصت على الطب الحديث كالصرع والمس والعين والسحر ) ( الفتاوى الذهبية – ص 7 ) 0
* قال صاحبا الكتاب المنظوم فتح الحق المبين : ( فإن من أعظم العلاجات وأنفعها بإذن الله الرقى الشرعية بالكتاب والسنة 0
ففي الرقية المشروعة خير كثير بإذن الله تعالى ، وقد دلت الأحاديث الصحيحة على ذلك ) ( فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين - ص 92 ) 0
وقالا في موضع آخر : ( فلقد جاءت السنة المطهرة بعلاج جميع الأدواء لكن الناس يفرطون في ذلك ، ولو أن المسلم اعتنى بالتحصينات الشرعية وندب إليها أهله ومن تحت يده لسلموا بإذن الله تعالى من كل شر ومكروه0
فكل أمر ثبت في السنة أنه نافع لمرض من الأمراض فهو نافع لا محالة حتى لو ظن من أتى به أنه غير نافع بناء على عدم استفادته ، ذلك أنه قد يكون عدم استفادته من جهة المصاب نفسه أو من جهة المعالج وصدق الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم : ( صدق الله وكذب بطن أخيك ) ( متفق عليه ) 0
ومن واقع تجربتنا ثبت لنا أن أكثر المصابين قد فرطوا في هذه الأدعية والأذكار التي هي حصن حصين بإذن الله من كل شر ظاهر أو خفي ) ( فتح الحق المبين في علاج الصرع والسحر والعين – باختصار – ص 38 ، 39 ) 0
* قال الدكتور عبدالغفار البنداري في تعليقه على كتاب الطب النبوي للإمام البخاري - رحمه الله - : ( والذي قد تأكد من شرعة الله أن مجتمع المسلمين قد تميز عن كل مجتمع دونه بقوى علاج هي في مظهر تعد من القوى الخفية التي جعلها الله تعالى ميزة الالتزام بأمره والتوكل عليه ، لقد قدر الله تعالى أن يكون في الدواء قوة تأثير فعالة وهذا مدرك ومرصود ، لكن جعل الله تعالى فيما عرف بالرقية قوة الدواء على المرض بل أكثر - ولا يعني توصل الطب وعلومه الحديثة إلى معرفة نواميس الشفاء بتلك القوى الخفية أنها ليست موجودة ، بل الثابت والمسجل فعلا أن حالات العلاج بالرقية والشفاء قد سجلت وعرفت فعلا وكم مريض أوشك على الهلاك ولم تجدي فيه وسائل العلاج المعروفة من الطب والجراحة حتى إذا يأسوا من شفائه ولجأوا إلى الذكر وتلاوة القرآن والرقية بالقرآن برأ وشفي بإذن الله 0
إن اليقين بالشفاء بالقرآن لهو عنصر من عناصر فعالية الشفاء بالقرآن والرقية ) ( الطب النبوي – ص 64 ، 65 ) 0
* يقول الأخ فتحي الجندي : ( مما لا شك فيه أن الإسلام جاء بالعلاج الشافي لأمراض القلوب والأبدان ، إما نصا وإما إجمالا على سبيل الدلالة ، وقد تداوى النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بالتداوي ) ( النذير العريان – ص 35 ) 0
* قال الأستاذ عكاشة عبدالمنان الطيبى : ( إن الأذكار والآيات والأدعية التي يستشفى بها ويرقى بها هي نافعة شافية بإذن الله تعالى ، وتستدعي قبول المحل وقوة همة الفاعل وتأثيره ، فمتى تخلف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل ، أو لعدم قبول المنفعل أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينجح فيه الدواء ، كما يكون ذلك في الأدوية والأدواء الحسية ، فإن عدم تأثيرها قد يكون لعدم قبول الطبيعة لذلك الدواء ) ( الإصابة بالعين وعلاجها – باختصار – ص 73 ) 0
* قال الأستاذ أحمد الصباحي عوض الله : ( فالقرآن الكريم هو الشفاء التام من جميع الأمراض النفسية والعضوية ، والسنة المحمدية المستمدة من القرآن تبين لنا طرق التداوي به 0
وعلى كل مسلم أن يستلهم من دينه العظيم – قرآناً وسنة – ما ينفعه في دينه ودنياه ، حتى يوفق إلى الاستشفاء بهما 00 وما يستطيع أن يوفق إلا المخلصين الأبرار 0 الذين يتداوون بهما بقبول وصدق ، وإيمان واعتقاد 0
فإن الأمراض مهما عظمت فلن تقاوم كلام الله رب الأرض والسماء وخالق كل شيء – الذي لو نزل على الجبال لخشعت وتصدعت من خشيته – 0
وما من مرض إلاَّ وفي القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة سبيل إلى شفائه، وعلينا أن نتدبر القرآن والسنة ، ففيهما الدواء وفيهما الشفاء 0 والله وحده هو الشافي ، ولا شفاء إلا شفاؤه ) ( الاستشفاء بالقرآن الكريم – ص 3 ) 0
قال سعد صادق محمد : ( والرقى في الحقيقة دعاء وتوسل يُطلب فيها من الله سبحانه وتعالى شفاء المريض وذهاب العلة من بدنه ) ( صراع بين الحق والباطل – ص 147 ) 0
وكل ما سبق لا يعني مطلقا الامتناع عن اتخاذ الأسباب الحسية في العلاج كالذهاب إلى الطبيب والمصحات والمستشفيات ، فالأصل في ذلك اتباع الأسباب الحسية المؤدية للشفاء بإذن الله سبحانه وتعالى0 فالمسلم يجمع في سلوكياته وتصرفاته بين اتخاذ الأسباب الشرعية والحسية المباحة ، وهذا ما أكدته النصوص القرآنية والحديثية في أكثر من موضع 0
فالطب في مجالاته المختلفة علم قائم له أخصائيوه ورجاله ، وهو علم واسع ومتشعب ، وسوف يظهر جليا أهمية هذا الجانب الحسي في حياتنا من خلال مراجعة كافة مباحث الكتاب الذي بين أيديكم ، وهذا ما يؤصل في نفسية المريض اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى واتخاذ كافة الأسباب الداعية إلى الشفاء بإذن الله تعالى 0
* ما هي أسباب فشل توظيف القرآن الكريم والسنة المطهرة في الرقية والعلاج والاستشفاء ؟
والمسألة التي لا بد من بحثها للوقوف على حقيقتها في العصر الحاضر هي أسباب فشل توظيف القرآن الكريم والسنة المطهرة في الرقية والعلاج لكافة الأمراض العضوية والنفسية وأمراض النفس البشرية ؟
إن المتأمل في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم يعلم جازما متيقنا ، أن الرقية والعلاج بالكتاب والسنة تحتاج إلى قلوب طاهرة عامرة بالإيمان ، ألقت الضغائن والأحقاد جانبا ، وملئت القلوب بالمحبة الخالصة لله ولرسوله وللمسلمين ، فتسلحت بالعقيدة والمحبة والطاعة ، وهذا ما سوف يظهر أثر القرآن والسنة على سمت من عرف قدرهما وعلم حقهما ، والسيف بضاربه ، وكل إناء بما فيه ينضح ، وقد تجلى ذلك الأثر في رقية سيد الحي بفاتحة الكتاب ، وانتفع بها أيما انتفاع بإذن الله تعالى ، فكأنما نشط من عقال ، والشواهد والأحداث كثيرة على ذلك 0
ولا بد من وقفة متأنية تبين لنا أسباب القصور في استعمال القرآن والسنة لمثل ذلك العمل الجليل ، وهذه الوقفة تتجلى في الاهتمام بالمعالِج والمعالَج ، وكذلك الاعتناء بكافة الضوابط الخاصة بهذا الأمر وهذا ما سوف يتضح من خلال هذه السلسلة العلمية بإذن الله تعالى 0
قصص واقعية تؤكد أن القرآن شفاء ورحمة للأمراض العضوية :
القصة الأولى :
( هند ) طفلة كويتية ؛ أصيبت بأشد أمراض السرطان في إحدى ساقيها وقد أجريت لها فحوصات طبية مكثفة في مركز ( حسين مكي جمعة ) لجراحة السرطان بالكويت ، كما تلقت علاجا مكثفا في مركز ( أجلستون ) التخصصي لمعالجة السرطان في مدينة ( أتلنتا ) بولاية جورجيا الأمريكية ، وقد بلغت تكاليف العلاج حوالي نصف مليون دولار ، كما تعرضت لعمليات فحص وتشخيص حصيلتها ملف ضخم من التقارير ، وما يربو على مائتين وخمسين صورة أشعة تؤكد أصابتها بالمرض 0
وفي إحدى مراحل العلاج ، وبعد تشخيص دقيق ، خضعت هند لمرحلة علاج كيماوي ( كيموثيروبي ) ( CHEMOTHERAPY ) لم يؤد إلى أي نتيجة ، في الوقت الذي ذكر فيه الأطباء المختصون في المركزين المذكورين أن هذه النوعية من العلاج يجب أن تؤدي إلى نتيجة رئيسة خلال ثلاثة أسابيع على أبعد تقدير 0
وفي مرحلة ثالثة نصح الأطباء والدي هند ببتر ساقها مع احتمال ظهور الخلايا السرطانية في أجزاء أخرى من الجسم في وقت لاحق لا يتعدى السنوات القليلة 0
إحدى عناصر المأساة تمثلت في وجود عدد غير قليل من أقرباء هند مصابين بالمرض نفسه 0
حالة الحزن التي بدت على وجه الطفلة الصغيرة هند جعلت والدها يتعثر في برنامجه لتقديم أطروحة الدكتوراه في الكمبيوتر في إحدى الجامعات الأمريكية ، في حين كانت الليالي الطويلة تمر على والدة هند وسط هاجس من الخوف والقلق على مستقبل ابنتها الصغيرة ، ولكن إيمانها بالله جعلها تسلم بقضاء الله وقدره 0
وفي ليلة من الليالي أوت أم هند إلى فراشها ؛ فسافر ذهنها بعيدا ، وأخذت تسبح في بحر من الأوهام والخيالات ، فتمثلت لها صورة ابنتهـا الصغيرة وهي تمشي على ساق واحدة وتتوكأ على عصا ، فانهمرت عيناها بالدموع حتى بللت الفراش ؛ فاستعاذت بالله من الشيطان الرجيم وأخذت بذكر الله - عز وجل - 0
وفجأة 000
تذكرت أم هند شيئا مهما قد نسيته 00 إنها الاستخارة 00 فقامت مسرعة وبادرت إلى أدائها 0
وفي الصباح كرهت أم هند جميع أنواع العلاجات والأدوية التي تقدم لابنتها ، وقررت عدم الإقدام على بتر ساق ابنتها ؛ فقد هداها الله إلى علاج آخر يختلف عن سائر الأدوية والعلاجات 00 إنه القرآن الكريم الذي جعله الله شفاء ورحمة للمؤمنين 0
فقد ذكر لها شيخ فاضل يعالج بالقرآن والرقى الشرعية فانطلقت بابنتها إليه ، وبعد عدة جلسات قام فيها الشيخ بالقراءة والنفث على ساق هند ودهنها بالزيت كانت المفاجأة 000
فقد بدأ التحسن يطرأ على ساق هند ، وبدأ الشعر ينمو في رأسها بعد أن تساقط معظمه بسبب العلاج السابق ، ثم شفيت بإذن الله وعادت إلى حالتها الطبيعية 0
لقد كانت النتيجة مذهلة للجميع 00 للطفلة التي عادت إليها الحيوية والنشاط ونضارة الطفولة 00 ولذويها الذين كادوا أن يفقدوا الأمل في شفائها من هذا المرض العضال بعد أن أجمع الأطباء على أن لا علاج إلا البتر ، أما الشيخ فابتسم وهو يقول : إن الأمر غير مفاجئ له ؛ فمعجزات القرآن عادية لكل مؤمن ؛ وهي أكثر من أن تحصى ، وقد جعل الله آياته شفاء لكل داء 00 قال سبحانه : ( وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا ) ( سورة الإسراء – الآية 82 ) 0
اختصاصي كبير في مستشفى ( أجلستون ) الأمريكي أكد أنه لا يستطيع تصديق التطور الذي طرأ على صحة هند حتى يرى الحالة على الطبيعة ، وعندما علم أن هندا تستطيع الركض الآن ، وأن الشعر برأسها وأجزاء جسمها الأخرى قد نما بعد سقوطه أصيب بحالة من الذهول ، وطلب هند بأية طريقة ) ( سر النجاح ومفتاح الخير والبركة والفلاح - بتصرف - ص 3 ، 6 ، نقلا عن بعض الصحف الكويتية ) 0
القصة الثانية :
وتلك القصة حصلت عندما كنت أقوم بمراجعة الكتاب في مراحله الأخيرة ، حيث أخبرني أحد الثقات عن رجل كان يعاني من مرض السرطان في الأمعاء ، حيث قرر الأطباء إجراء عملية جراحية نهائية له وذلك بعد إجراء عدة عمليات جراحية لاستئصال هذا المرض الخطير ، وكان الرجل لا يستطيع التبرز بشكل طبيعي إلا بواسطة كيس خارجي وضع خصيصا لتلك الحاجة ، وعندما علم بذلك وأيقن أن لا ملجأ له إلا لله ، وقبل إجراء العملية الجراحية بيوم أخذ بقراءة القرآن من بعد صلاة المغرب متوجها إلى الله منيبا إليه طارحا نفسه على أعتاب بابه وبقي على هذا الحال حتى صلاة الفجر ، عند ذلك أحس بحاجته إلى التبرز الطبيعي واستطاع بفضل الله سبحانه وتعالى أن يقوم بذلك بطريقة عادية ، وعندما حضر الطبيب المشرف لمعاينته قبل إجراء العملية الجراحية ، أخبره بذلك فتعجب غاية العجب ، وتم الكشف عليه بواسطة الأشعة لأكثر من مرة وكانت المفاجأة أن كافة أعراض المرض قد تلاشت نهائيا ، فسبحان القائل : ( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِين ) ( سورة الشعراء – الآية 80 ) 0
القصة الثالثة :
كنت ذات يوم في زيارة لأحد الزملاء ، وفجأة رأيت رجلاً قادماً عن بعد ، فاحتضنني بحرارة شديدة ، نظرت إليه فلم أعرفه ، قال لي : أظنك لا تذكرني ، ولكن أنظر إلى تلك الفتاة ، وأشار إلى فتاة في عقدها الأول ، ثم قال : هذه الفتاة أصيبت بمرض السرطان في الرأس عندما كان عمرها سنتين ، وقد تم استئصال العين اليسرى لها آنذاك ، ومن ثم قرر الأطباء بأنها لن تعيش أكثر من ثلاثة أشهر على الأرجح ، وكان هذا الأمر صدمة عنيفة لأهل البيت جميعاً ، ولكننا تيقنا بأن هذا قضاء الله وقدره فصبرنا واحتسبنا الأجر عنده سبحانه وتعالى ، وأشار إلينا البعض برقية الفتاة بالرقية الشرعية ، وكان ذلك واستمر الحال لمدة من الزمن ، وبعد فترة من العلاج بالرقية الشرعية ، تم إجراء الفحص الطبي لهذه الفتاة ، فتبين بأن المرض قد اختفى نهائياً ، وتعجب الأطباء من ذلك ، ولكن سبحان من بيده الأمر ، وأمره إذا أراد للشيء أن يقول له كن فيكون 0
فحمدت الله سبحانه وتعالى وأثنيت عليه ، وبينت لهذا الرجل نعمته سبحانه بأن منَّ على هذه الفتاة بالصحة والعافية ، وتذكرت قوله سبحانه في محكم كتابه : ( وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا ) ( سورة الإسراء – الآية 82 ) 0
القصة الرابعة :
جاءني ذات يوم أحد الأصدقاء يشكو لي حال قريبة له ، حيث قال لي : ذهبت هذه الأخت لعيادة المستشفى نتيجة التهابات جلدية ، وفوجئت بأن التحاليل الطبية تبين أنها تعاني من سرطان الجلد ، وعندما علمت بذلك جاءها انهيار عصبي وخارت قواها ، فهدأت من روعه ونصحته باللجوء إلى الله سبحانه وتعالى ثم الرقية الشرعية ، واتفقنا أن يُحضِر هذه الأخت من منطقة الرياض إلى المنطقة الشرقية ، وبعد أيام حضرت وكانت في حالة يرثى لها ، فبدأت أزرع اليقين في نفسها وأذكرها بالله سبحانه وتعالى وبرحمته ، وطلبت منها أن تبقى مدة شهر من الزمن ، وبدأت مرحلة العلاج وكنت أقرأ عليها عدة أيام من الأسبوع بحسب القدرة والاستطاعة، وبعد مضي شهر من الزمن لاحظت أن نفسيتها تحسنت كثيراً وتعلق قلبها بالله سبحانه وتعالى راجيةً أن يمن عليها بالشفاء ، خاضعة لأمره سبحانه وتعالى ، وعادت إلى الرياض ، وبعد يوم يتصل بي هذا الأخ الكريم ليبشرني بالبشارة حيث راجعت هذه الأخت الفاضلة المستشفى الذي أجرى لها التحاليل الأولى حيث تبين بفضل الله سبحانه وتعالى ومنه وكرمه تلاشي كافة الأعراض وعودة المرأة سليمة معافاة ، واحتار الأطباء من ذلك وسألها أحدهم عن الطريق الذي سلكته أو العلاج الذي استخدمته ، فقالت له : ثقتي بالله سبحانه وتعالى كانت أعظم مما تملكون ، لجأت إليه سبحانه وتعالى واستشفيت بالرقية الشرعية وماء زمزم والعسل والحبة السوداء وهذا كل ما هنالك ، وفَرِحتُ فرحاً عظيماً بهذا الخبر وشكرت الله سبحانه وتعالى وحده الذي أنعم على هذه الأخت الفاضلة بالعافية والسلامة 0
قلت : وتلك رسالة إلى كل مسلم في شتى بقاع الأرض ، كي يتيقن الجميع بأن كتاب الله خير وشفاء ورحمة ، خاصة لأولئك الذين أرادوا أن يثبتوا للعالم أجمع بأن القرآن لا يمكن أن يؤثر في شفاء الأمراض العضوية ، فأرادوا إجراء التجارب لتأكيد أو رفض هذه الخاصية ، وحالهم في ذلك حال بعض الأطباء النفسيين الذين تتلمذوا على الأفكار والمعتقدات الغربية فنسوا الله فأنساهم أنفسهم ، أنصح كل أولئك بتقوى الله سبحانه وتعالى وإعادة حساباتهم وتصحيح معتقداتهم وقراءة هذا البحث مرات ومرات ، كي يعلموا اليقين ويعرفوا الحق وأهله ، فالقرآن كلام الله الكامل المكمل ، وهو منزه عن كل عيب ونقص وهو المعجزة الخالدة إلى أن يرفع من الأرض ، وكل حرف بل كل كلمة نطقت من الحق وبالحق ، واليقين الذي نقطعه في هذه المسألة أن المجربين الذين أرادوا أن نخضع كتاب الله للتجربة والقياس قد ضلوا وأضلوا وهذه الفئة لو قرأت القرآن مرات ومرات فإنها لن تحرك شعرة في جسد مريض ، لأنها تفتقد إلى اليقين واستشعار المعاني الحقيقية في كتاب الله - عز وجل- وهذا المعنى الذي أكده آنفا كثير من أهل العلم ورواده 0
نقل عن ابن العربي – رحمه الله – تعالى أنه قال عن نفع ماء زمزم : " وهذا موجود فيه إلى يوم القيامة لمن صحت نيته ، وسلمت طويته ، ولم يكن به مكذبا ، ولا يشربه مجربا ، فإن الله مع المتوكلين ، وهو يفضح المجربين " 0
إن استقراء النصوص القرآنية والحديثية آنفة الذكر وكذلك أقوال العلماء تؤكد على جواز الرقية الشرعية وتحديد السبل الخاصة بها ، وتبيان الأسلوب الشرعي الأمثل لها ، وأكدت على حقيقة العلاج والاستشفاء لكافة الأمراض العضوية والنفسية وأمراض النفس البشرية من صرع وسحر وعين وحسد ، والله تعالى أعلم 0
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصجبه وسلم 0
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق