ملخص تاريخ التشريع الإسلامي للأستاذ العبادي (الفصل
الأول)
الفصل الأول : ما
قبل التشريع الإسلامي:
المبحث الأول : الحضارات الإنسانية قبل البعثة:
1) الحضارات الإنسانية قبل البعثة: إن الهدف من معرفة الحضارات الإنسانية قبل البعثة هو :
- معرفة الظروف و السياق التاريخي الذي جاءت فيه الشريعة الإسلامية.
- معرفة الديانات التي كانت تدين بها المجتمعات آنذاك.
– الحضارة الرومانية: هي الامبراطورية البيزنطية و عاصمتها القسطنطينية كان يعيش أهلها حياة اللهو و اللعب..
و كانت تحكم : اليونان – البلقان – أسية – سورية – فلسطين – حوض البحر المتوسط – مصر – إفريقية الشمالية.
مارست الظلم و التعسف على الشعوب:
- مصر: مضاعفة الضرائب- الاضطهاد الديني و الاستبداد السياسي و نهب الخيرات و الظلم.
- سورية : كثرة الظلم و القهر و الرق بحيث كان السوريون يبيعون أبناءهم لإيفاء الديون.
– الحضارة الفارسية : هي الإمبراطورية الفارسية (الكسروية) و هي أعظم من سابقتها , كثرت فيها الديانات المنحرفة (الزرادشتية – المَانية قرن3م – المزدكية قرن5م) , كان ملوكها يحكمون بالوراثة و يعتبرون أنفسهم من نسل الآلهة فكانوا يعيشون حياة البذخ و كانوا يعاملون الشعوب معاملة الذلة و المهانة و يدفعون بهم كوقود لحروب لا طائل منها سوى تنفيذ نزواتهم.
– الحضارة الهندية: و هي من أحط الحضارات أخلاقا خصوصا في القرن 6م حيث انتشرت الخلاعة و إحراق المرأة المتوفى عنها زوجها .و وضع المشرعون الهنديون قانونا مدنيا سياسيا دينيا يقسم سكان الهند إلى أربع طبقات هي :
- طبقة البراهمة : و هم الكهنة و رجال الدين, حيث جعلهم القانون مغفورا لهم لا يجوز فرض جباية عليهم و لا يعاقب بالقتل مهما كان.
- طبقة شترى : و هم رجال الحرب و الجندية.
- طبقة ويش : و هم رجال الفلاحة و التجارة.
- طبقة شودر : و هم رجال الخدمة و هم أحط الطبقات فقد خلقهم خالق الكون من أرجله – كما يزعمون- ليس لهم إلا خدمة الطبقات السابقة و إراحتها و ليس لهم أن يقتنوا مالا أو يدخروا كنزا أو يجالسوا برهميا أو يمسوه حتى أو يتعلموا الكتب المقدسة.
2) أحوال العالم الدينية قبل البعثة المحمدية: لقد عاشت الإنسانية قبل البعثة أحط مراحلها دينيا و اقتصاديا و سياسيا و اجتماعيا كما استشرى فيها الجهل في العقائد و الأفكار و التصورات و النفوس و طغى فيها الهوى و الانحلال و الفجور و التعسف و الظلم بالإضافة إلى ما مس الديانات السماوية من تحريف و تبديل مما أدى إلى ضياع تأثيرها على الناس.
- اليهودية: وصل اليهود قبل البعثة إلى انحطاط عقلي و فساد ديني يتجلى في اجترائهم على الله و عبثهم بالحقائق و تلاعبهم بالدين و الذي كان سببه تأثرهم بعقائد من سيطر عليهم من الوثنيين الذين احتكوا بهم و كذا عاداتهم المنحرفة.
- المسيحية : لقد اندلعت الحروب بين النصارى و كفر بعضهم بعضا و اتخذوا من شهدائهم أولياء و اتخذوا لهم تماثيل فتكونت لهم عقيدة جديدة أحيت عبادة الأصنام التي كانت من قبل فاختفى نور التوحيد و اندثر إخلاص العبادة لله .
- المجوس : لقد عُرف المجوس بعبادة العناصر الطبيعية و أهمها النار التي أقاموا لها المعابد و الهياكل لعبادتها و كانوا يستقبلونها أثناءها و كان لهم إله الخير و هو النور و إله الشر و هو الظلام.
- البوذية : وثنية في الهند و آسيا الوسطى حيث يحمل أتباعها تماثيل بوذا معهم أينما حلوا.
- البرهمية : دين الهند الأصلي امتاز بكثرة المعبودات و بلغت أوجها في القرن السادس الميلادي.
إذن فالبشرية عاشت قبل البعثة المحمدية انحرافات في العقيدة و الشريعة و الأخلاق ... و ابتعدت عن منهج الله فانتشر الفساد و الظلم و الجور و انحطت القيم الإنسانية.
3) حضارات الجزيرة العربية:
- حضارة سبأ باليمن: بناء الخزانات و السدود (أشهرها سد مأرب) لجمع مياه الأمطار و السيول للاستفادة منها في ري الزروع المتنوعة و الحدائق الزكية و الثمار الشهية حتى كانت القوافل بين اليمن و الشام لا يعدمون ظلا و لا ماء و لا طعاما.
- حضارة عاد بالأحقاف: شمال حضرموت كانوا أصحاب قصور و مصانع و قد أرسل إليهم هود عليه السلام.
- حضارة ثمود بالحجاز: كانوا ينحتون من الجبال بيوتا و كانت لهم حدائق و و زروع و عيون و أرسل إليهم صالح عليه السلام.
4) الحالة الدينية عند العرب قبل البعثة المحمدية :اُبتُلِيت الأمة العربية بتخلف ديني شديد و وثنية سخيفة و انحرافات خلقية و اجتماعية و فوضى سياسية و تشريعية فقلَّ شأنهم و صاروا في أحسن الأحوال تابعين للدولة الفارسية أو الرومانية و قد امتلأت قلوبهم بتعظيم تراث الأجداد و الآباء فابتعدوا عن معرفة الله و الإيمان به و تعظيمه و توقيره , أما البقية الباقية من دين إبراهيم فقد أصابها التبديل و التحريف فألصقوا بها من الخرافات و الأساطير الشيء الكثير و صار الحج عندهم موسما للمفاخرة و المنافرة. إلا القليل من الحنفاء الذين رفضوا أكل الميتة و عبادة الأصنام و الذبح لها.. كزيْدٍ بن عمرو بن نفيل و قس بن ساعدة الإيادي الذي سَلِمت فطرته و بشَّر بقرب نبوة المصطفى و دعا إلى توحيد الله. كما أن بعضا من العرب تنصروا و بعضهم دخل في اليهودية.
1) الحضارات الإنسانية قبل البعثة: إن الهدف من معرفة الحضارات الإنسانية قبل البعثة هو :
- معرفة الظروف و السياق التاريخي الذي جاءت فيه الشريعة الإسلامية.
- معرفة الديانات التي كانت تدين بها المجتمعات آنذاك.
– الحضارة الرومانية: هي الامبراطورية البيزنطية و عاصمتها القسطنطينية كان يعيش أهلها حياة اللهو و اللعب..
و كانت تحكم : اليونان – البلقان – أسية – سورية – فلسطين – حوض البحر المتوسط – مصر – إفريقية الشمالية.
مارست الظلم و التعسف على الشعوب:
- مصر: مضاعفة الضرائب- الاضطهاد الديني و الاستبداد السياسي و نهب الخيرات و الظلم.
- سورية : كثرة الظلم و القهر و الرق بحيث كان السوريون يبيعون أبناءهم لإيفاء الديون.
– الحضارة الفارسية : هي الإمبراطورية الفارسية (الكسروية) و هي أعظم من سابقتها , كثرت فيها الديانات المنحرفة (الزرادشتية – المَانية قرن3م – المزدكية قرن5م) , كان ملوكها يحكمون بالوراثة و يعتبرون أنفسهم من نسل الآلهة فكانوا يعيشون حياة البذخ و كانوا يعاملون الشعوب معاملة الذلة و المهانة و يدفعون بهم كوقود لحروب لا طائل منها سوى تنفيذ نزواتهم.
– الحضارة الهندية: و هي من أحط الحضارات أخلاقا خصوصا في القرن 6م حيث انتشرت الخلاعة و إحراق المرأة المتوفى عنها زوجها .و وضع المشرعون الهنديون قانونا مدنيا سياسيا دينيا يقسم سكان الهند إلى أربع طبقات هي :
- طبقة البراهمة : و هم الكهنة و رجال الدين, حيث جعلهم القانون مغفورا لهم لا يجوز فرض جباية عليهم و لا يعاقب بالقتل مهما كان.
- طبقة شترى : و هم رجال الحرب و الجندية.
- طبقة ويش : و هم رجال الفلاحة و التجارة.
- طبقة شودر : و هم رجال الخدمة و هم أحط الطبقات فقد خلقهم خالق الكون من أرجله – كما يزعمون- ليس لهم إلا خدمة الطبقات السابقة و إراحتها و ليس لهم أن يقتنوا مالا أو يدخروا كنزا أو يجالسوا برهميا أو يمسوه حتى أو يتعلموا الكتب المقدسة.
2) أحوال العالم الدينية قبل البعثة المحمدية: لقد عاشت الإنسانية قبل البعثة أحط مراحلها دينيا و اقتصاديا و سياسيا و اجتماعيا كما استشرى فيها الجهل في العقائد و الأفكار و التصورات و النفوس و طغى فيها الهوى و الانحلال و الفجور و التعسف و الظلم بالإضافة إلى ما مس الديانات السماوية من تحريف و تبديل مما أدى إلى ضياع تأثيرها على الناس.
- اليهودية: وصل اليهود قبل البعثة إلى انحطاط عقلي و فساد ديني يتجلى في اجترائهم على الله و عبثهم بالحقائق و تلاعبهم بالدين و الذي كان سببه تأثرهم بعقائد من سيطر عليهم من الوثنيين الذين احتكوا بهم و كذا عاداتهم المنحرفة.
- المسيحية : لقد اندلعت الحروب بين النصارى و كفر بعضهم بعضا و اتخذوا من شهدائهم أولياء و اتخذوا لهم تماثيل فتكونت لهم عقيدة جديدة أحيت عبادة الأصنام التي كانت من قبل فاختفى نور التوحيد و اندثر إخلاص العبادة لله .
- المجوس : لقد عُرف المجوس بعبادة العناصر الطبيعية و أهمها النار التي أقاموا لها المعابد و الهياكل لعبادتها و كانوا يستقبلونها أثناءها و كان لهم إله الخير و هو النور و إله الشر و هو الظلام.
- البوذية : وثنية في الهند و آسيا الوسطى حيث يحمل أتباعها تماثيل بوذا معهم أينما حلوا.
- البرهمية : دين الهند الأصلي امتاز بكثرة المعبودات و بلغت أوجها في القرن السادس الميلادي.
إذن فالبشرية عاشت قبل البعثة المحمدية انحرافات في العقيدة و الشريعة و الأخلاق ... و ابتعدت عن منهج الله فانتشر الفساد و الظلم و الجور و انحطت القيم الإنسانية.
3) حضارات الجزيرة العربية:
- حضارة سبأ باليمن: بناء الخزانات و السدود (أشهرها سد مأرب) لجمع مياه الأمطار و السيول للاستفادة منها في ري الزروع المتنوعة و الحدائق الزكية و الثمار الشهية حتى كانت القوافل بين اليمن و الشام لا يعدمون ظلا و لا ماء و لا طعاما.
- حضارة عاد بالأحقاف: شمال حضرموت كانوا أصحاب قصور و مصانع و قد أرسل إليهم هود عليه السلام.
- حضارة ثمود بالحجاز: كانوا ينحتون من الجبال بيوتا و كانت لهم حدائق و و زروع و عيون و أرسل إليهم صالح عليه السلام.
4) الحالة الدينية عند العرب قبل البعثة المحمدية :اُبتُلِيت الأمة العربية بتخلف ديني شديد و وثنية سخيفة و انحرافات خلقية و اجتماعية و فوضى سياسية و تشريعية فقلَّ شأنهم و صاروا في أحسن الأحوال تابعين للدولة الفارسية أو الرومانية و قد امتلأت قلوبهم بتعظيم تراث الأجداد و الآباء فابتعدوا عن معرفة الله و الإيمان به و تعظيمه و توقيره , أما البقية الباقية من دين إبراهيم فقد أصابها التبديل و التحريف فألصقوا بها من الخرافات و الأساطير الشيء الكثير و صار الحج عندهم موسما للمفاخرة و المنافرة. إلا القليل من الحنفاء الذين رفضوا أكل الميتة و عبادة الأصنام و الذبح لها.. كزيْدٍ بن عمرو بن نفيل و قس بن ساعدة الإيادي الذي سَلِمت فطرته و بشَّر بقرب نبوة المصطفى و دعا إلى توحيد الله. كما أن بعضا من العرب تنصروا و بعضهم دخل في اليهودية.
المبحث الثاني : مفهوم التشريع الإسلامي , مميزاته , و خصائصه :
1) مفهوم الشريعة و التشريع:
الشريعة في اللغة : من 'شرع الشيء' أي بينه و أوضحه أو من 'الشرعة' و 'الشريعة' أي موضع الذي يصل فيه إلى الماء.
- المعنى الأول : الطريقة المستقيمة و منه قوله عز و جل "ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها"
- المعنى الثاني : مورد الماء الذي يُستقى منه بلا انقطاع و لا رِشاء (ظاهر لا يُحتاج فيه إلى آلة )
الشريعة في الاصطلاح : ما شرعه الله لعباده من العقائد و العبادات و الأخلاق و المعاملات و نظم الحياة في شعبها المختلفة لتنظيم علاقات الناس بربهم و علاقتهم ببعضهم البعض من أجل تحقيق سعادتهم الدنيوية و الأخروية. و هي بهذا المفهوم خاصة بما جاء عن الله تعالى و بلغه رسله و لا يمكن هذا المصطلح على القوانين الوضعية .
2) الفرق بين التشريع السماوي و التقنين الوضعي:
- الوجه الأول : القانون الوضعي ناقص دائما فهو يتعرض للتبديل (التطور) لأنه من صنع البشر فيتمثل فيه نقصهم و عجزهم و ضعفهم و قلة حيلتهم. أما الشريعة فهي تامة و صالحة لكل زمان و مكان لأن صانعها هو الله العليم الخبير فتتمثل فيها قدرته و كماله و عظمته و إحاطته فهي لا تحتاج تغييرا و لا تطويرا لأنها محيطة بالحال و الاستقبال .
- الوجه الثاني : تتفق الشريعة و القانون الوضعي في أن كليهما وُضع لتنظيم الجماعة غير أن الأولى وضعها الله على سبيل الدوام فقواعدها ثابتة و مستمرة , و الثاني قواعده مؤقتة لا تصلح للجماعة غذا لأن حال الجماعة يتغير.
- الوجه الثالث : الذين يضعون القانون لابد لهم من أن يخضعوا لأهوائهم و نزعاتهم و عواطفهم فيحيدون عن تقدير الحق و القيام بالقسط. أما الشريعة فهي من عند الله منزهة عن ذلك كله لأن الله يعلم أحوال العباد و ما يصلحهم و يصلح لهم.
3) مميزات الشريعة عن القانون الوضعي :
- الكمال : الشريعة استكملت جميع ما تحتاجه من القواعد و المبادئ و النظريات التي تكفل حاجات الجماعة في الحاضر و المستقبل.
- السمو : مهما ارتفع مستوى الجماعة فإن قواعد الشريعة و مبادئها و نظرياتها تبقى أسمى منه.
- الدوام : الشريعة دائمة مستمرة و نصوصها لا تقبل التعديل و التبديل مهما طال الأزمان.
4) مميزات التشريع الإسلامي : هو خاتم الشرائع السماوية و المهيمن عليها.
أ – التشريع الإسلامي يحفظ المقاصد التي يقوم عليها أمر الدين و الدنيا:
لقد اتفقت جميع الشرائع و القوانين على حفظ المقاصد الخمس : الدين – النفس – العقل – النسل – المال.
- حفظ الدين من جانب الوجود: شرع الله الإيمان و أركانه و العبادات و غيرها ليوجد الدين و تستقيم أمور الناس و يقوم المجتمع على أساس قوي متين
- حفظ الدين من جانب العدم: شرع الله أحكاما تدرأ كل اختلال واقع أو متوقع على حق الناس في الدين فأوجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر , و محاربة من يقفون في طريق نشر الدعوة إلى الله , و معاقبة المبتدع و الداعي إلى بدعته و التارك للدين المفارق للجماعة ...
- حفظ النفس من جانب الوجود: -من جانب العادات: أوجب الشارع تناول ما يحفظ النفس من المأكولات و المشروبات و الملبوسات و المسكونات.. و من جانب المعاملات: شرع الله ما ينظم علاقة الإنسان مع غيره من انتقال للأملاك بعوض أو بغير عوض ...
- حفظ النفس من جانب العدم: حرم الله القتل و الانتحار و المخاطرة و تعريض النفس للهلاك .. و شرع القصاص و إعدام القتلة .. و شرع معالجتها وقايتها من الأمراض ..
- حفظ العقل من جانب الوجود: شرع الله تعلم العلم و جعل طلبه فريضة و نفى المساواة بين من يعلم و من لا يعلم ..
- حفظ العقل من جانب العدم: حرم الشرع كل ما من شأنه أن يذهب بالعقول و يفسدها كشرب الخمر الدخان ..
- حفظ النسل من جانب الوجود: شرع الله النكاح و إنجاب الذرية و المحافظة على الأجنة و الإنفاق على المرأة الحامل و إرضاع الرضع ..
- حفظ النسل من جانب العدم: حرم الله الزنا و شرع عقوبته و حرم الإجهاض و قتل الأولاد و الاختصاء ..
- حفظ المال من جانب الوجود: شرع الله العمل و السعي في تحصيل الرزق بالطرق المشروعة و البيع و الإجارة ..
- حفظ المال من جانب العدم: حرم الله إتلاف المال و السرقة و الغصب و التعدي و الربا و أكل أموال الناس بالباطل فشرع لذلك عقوبات.
ب – التشريع الإسلامي صالح لكل زمان و مكان و ملائم لكل البيئات:
جاء التشريع الإسلامي صالحا لكل زمان و مكان لأنه بني على التيسير و رفع الحرج و دفع الضرر و الأدلة في كتاب الله و سنة نبيه كثيرة
5) الخصائص العامة للشريعة الإسلامية:
- ثبات أحكامها و رسوخ قواعدها: فالقول الثابت هو القول الحق و الصدق و منه أَثْبَتُ القول كلمة التوحيد و لوازمها , و القول الزائل الزاهق هو القول الباطل إذن فقول الله و قول رسوله هما الحق ثابتان لا يتغيران لأن شريعة الله لا يأتيها الباطل من بين يديها و لا من خلفها.
+الأدلة على ثبوتها: 1- صمودها في وجه المتغيرات على مر الأزمان بل و إن حاجة الناس إليها تزداد 2- أنها تراعي مصلحة العباد في العاجل و الآجل 3- عصمتها من الوقوع في الخطإ و الزلل و التحريف فهي شريعة معصومة لنبي معصوم لأمة معصومة فيما اجتمعت عليه فهذه العصمة مستمرة إلى قيام الساعة 4- إجماع العلماء على دوام التكليف إلى يوم القيامة 5- لا تنسخ أحكامها لأن زمن النسخ هو فترة نزول الوحي فلا يحق لأحد كان أن ينسخ شيئا من مما ثبت عليه الدليل 6- مرونة الشريعة بتغير الفتوى حسب الزمان و المكان و المستفتي كالتعزيرات و أجناسها و صفاتها و هذا لا يناقض ثبات أحكام الشريعة في الأصول و الحلال و الحرام ..
- شموليتها و سعتها لكل ما يجد في الحياة : الشمول و السعة في اللغة بمعنى واحد هو العموم و في الاصطلاح هو أن أحكامها تعم جميع الحوادث و النوازل التي تنزل بالجماعات إلى قيام الساعة من عقيدة و عبادة و معاملة ...
+ الدليل على شموليتها : 1- "و نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء و هدى و رحمة و بشرى للمسلمين" و معناه أنه سبحانه لم يترك شيئا إلا و بينه للناس و جعل في الكتاب دليلا عليه إما بنص أو دلالة 2- تفصيل الله لما يحتاجه الناس من الحلال و ما يجب أن يجتبوه من الحرام 3- استيعاب الدين للفرائض و الحلال و الحرام و جميع الأحكام 4- أنها جاءت لعموم البشر و ليست لطائفة أو جنس معين
+ تجليات شمول الشريعة الإسلامية: الجانب التعبدي (الصلاة ..) مما ينظم علاقة العبد بربه – الجانب الأسري (الزواج..) مما يتصل بتكوين الأسرة و المحافظة عليها من الشتات الانهيار – المبادلات و المعاملات المالية (البيع ..) مما ينظم العلاقات المالية بين الأفراد و الجماعات و الأمم – الجانب الاقتصادي فيما يتعلق بإنتاج الثروة أو توزيعها بما يضمن حقوق جميع الفئات من موارد الدولة و أيضا فيما يتعلق بالفيء و الغنيمة و الخراج و تحريم التعامل بالربا و الاحتكار.. – الجانب الجزائي من قصاص و حدود و تعزير و هو ما يعرف الآن بالقانون الجنائي – الجانب القضائي من دعوى و شهادة و إقرار و يمين و ما يتعلق بتنظيم الإجراءات لرفع النزاع و تحقيق العدل و هو ما يطلق عليه بقانون المرافعات أو المسطرة المدنية – جانب الحكم و ما يتعلق به من وجوب تنصيب إمام و شروطه و كيفية اختياره و عزله و حقوقه و واجباتهو علاقته بالأمة و كذا أهل الحل و العقد و تحديد لعلاقة الحاكم بالمحكومين و تقرير لحقوق الأفراد و الجماعات و هو ما يعرف الآن بالقانون الدستوري – الجانب الدولي م ما يتعلق به من علاقات دولية في حالة الحرب و السلم .
1) مفهوم الشريعة و التشريع:
الشريعة في اللغة : من 'شرع الشيء' أي بينه و أوضحه أو من 'الشرعة' و 'الشريعة' أي موضع الذي يصل فيه إلى الماء.
- المعنى الأول : الطريقة المستقيمة و منه قوله عز و جل "ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها"
- المعنى الثاني : مورد الماء الذي يُستقى منه بلا انقطاع و لا رِشاء (ظاهر لا يُحتاج فيه إلى آلة )
الشريعة في الاصطلاح : ما شرعه الله لعباده من العقائد و العبادات و الأخلاق و المعاملات و نظم الحياة في شعبها المختلفة لتنظيم علاقات الناس بربهم و علاقتهم ببعضهم البعض من أجل تحقيق سعادتهم الدنيوية و الأخروية. و هي بهذا المفهوم خاصة بما جاء عن الله تعالى و بلغه رسله و لا يمكن هذا المصطلح على القوانين الوضعية .
2) الفرق بين التشريع السماوي و التقنين الوضعي:
- الوجه الأول : القانون الوضعي ناقص دائما فهو يتعرض للتبديل (التطور) لأنه من صنع البشر فيتمثل فيه نقصهم و عجزهم و ضعفهم و قلة حيلتهم. أما الشريعة فهي تامة و صالحة لكل زمان و مكان لأن صانعها هو الله العليم الخبير فتتمثل فيها قدرته و كماله و عظمته و إحاطته فهي لا تحتاج تغييرا و لا تطويرا لأنها محيطة بالحال و الاستقبال .
- الوجه الثاني : تتفق الشريعة و القانون الوضعي في أن كليهما وُضع لتنظيم الجماعة غير أن الأولى وضعها الله على سبيل الدوام فقواعدها ثابتة و مستمرة , و الثاني قواعده مؤقتة لا تصلح للجماعة غذا لأن حال الجماعة يتغير.
- الوجه الثالث : الذين يضعون القانون لابد لهم من أن يخضعوا لأهوائهم و نزعاتهم و عواطفهم فيحيدون عن تقدير الحق و القيام بالقسط. أما الشريعة فهي من عند الله منزهة عن ذلك كله لأن الله يعلم أحوال العباد و ما يصلحهم و يصلح لهم.
3) مميزات الشريعة عن القانون الوضعي :
- الكمال : الشريعة استكملت جميع ما تحتاجه من القواعد و المبادئ و النظريات التي تكفل حاجات الجماعة في الحاضر و المستقبل.
- السمو : مهما ارتفع مستوى الجماعة فإن قواعد الشريعة و مبادئها و نظرياتها تبقى أسمى منه.
- الدوام : الشريعة دائمة مستمرة و نصوصها لا تقبل التعديل و التبديل مهما طال الأزمان.
4) مميزات التشريع الإسلامي : هو خاتم الشرائع السماوية و المهيمن عليها.
أ – التشريع الإسلامي يحفظ المقاصد التي يقوم عليها أمر الدين و الدنيا:
لقد اتفقت جميع الشرائع و القوانين على حفظ المقاصد الخمس : الدين – النفس – العقل – النسل – المال.
- حفظ الدين من جانب الوجود: شرع الله الإيمان و أركانه و العبادات و غيرها ليوجد الدين و تستقيم أمور الناس و يقوم المجتمع على أساس قوي متين
- حفظ الدين من جانب العدم: شرع الله أحكاما تدرأ كل اختلال واقع أو متوقع على حق الناس في الدين فأوجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر , و محاربة من يقفون في طريق نشر الدعوة إلى الله , و معاقبة المبتدع و الداعي إلى بدعته و التارك للدين المفارق للجماعة ...
- حفظ النفس من جانب الوجود: -من جانب العادات: أوجب الشارع تناول ما يحفظ النفس من المأكولات و المشروبات و الملبوسات و المسكونات.. و من جانب المعاملات: شرع الله ما ينظم علاقة الإنسان مع غيره من انتقال للأملاك بعوض أو بغير عوض ...
- حفظ النفس من جانب العدم: حرم الله القتل و الانتحار و المخاطرة و تعريض النفس للهلاك .. و شرع القصاص و إعدام القتلة .. و شرع معالجتها وقايتها من الأمراض ..
- حفظ العقل من جانب الوجود: شرع الله تعلم العلم و جعل طلبه فريضة و نفى المساواة بين من يعلم و من لا يعلم ..
- حفظ العقل من جانب العدم: حرم الشرع كل ما من شأنه أن يذهب بالعقول و يفسدها كشرب الخمر الدخان ..
- حفظ النسل من جانب الوجود: شرع الله النكاح و إنجاب الذرية و المحافظة على الأجنة و الإنفاق على المرأة الحامل و إرضاع الرضع ..
- حفظ النسل من جانب العدم: حرم الله الزنا و شرع عقوبته و حرم الإجهاض و قتل الأولاد و الاختصاء ..
- حفظ المال من جانب الوجود: شرع الله العمل و السعي في تحصيل الرزق بالطرق المشروعة و البيع و الإجارة ..
- حفظ المال من جانب العدم: حرم الله إتلاف المال و السرقة و الغصب و التعدي و الربا و أكل أموال الناس بالباطل فشرع لذلك عقوبات.
ب – التشريع الإسلامي صالح لكل زمان و مكان و ملائم لكل البيئات:
جاء التشريع الإسلامي صالحا لكل زمان و مكان لأنه بني على التيسير و رفع الحرج و دفع الضرر و الأدلة في كتاب الله و سنة نبيه كثيرة
5) الخصائص العامة للشريعة الإسلامية:
- ثبات أحكامها و رسوخ قواعدها: فالقول الثابت هو القول الحق و الصدق و منه أَثْبَتُ القول كلمة التوحيد و لوازمها , و القول الزائل الزاهق هو القول الباطل إذن فقول الله و قول رسوله هما الحق ثابتان لا يتغيران لأن شريعة الله لا يأتيها الباطل من بين يديها و لا من خلفها.
+الأدلة على ثبوتها: 1- صمودها في وجه المتغيرات على مر الأزمان بل و إن حاجة الناس إليها تزداد 2- أنها تراعي مصلحة العباد في العاجل و الآجل 3- عصمتها من الوقوع في الخطإ و الزلل و التحريف فهي شريعة معصومة لنبي معصوم لأمة معصومة فيما اجتمعت عليه فهذه العصمة مستمرة إلى قيام الساعة 4- إجماع العلماء على دوام التكليف إلى يوم القيامة 5- لا تنسخ أحكامها لأن زمن النسخ هو فترة نزول الوحي فلا يحق لأحد كان أن ينسخ شيئا من مما ثبت عليه الدليل 6- مرونة الشريعة بتغير الفتوى حسب الزمان و المكان و المستفتي كالتعزيرات و أجناسها و صفاتها و هذا لا يناقض ثبات أحكام الشريعة في الأصول و الحلال و الحرام ..
- شموليتها و سعتها لكل ما يجد في الحياة : الشمول و السعة في اللغة بمعنى واحد هو العموم و في الاصطلاح هو أن أحكامها تعم جميع الحوادث و النوازل التي تنزل بالجماعات إلى قيام الساعة من عقيدة و عبادة و معاملة ...
+ الدليل على شموليتها : 1- "و نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء و هدى و رحمة و بشرى للمسلمين" و معناه أنه سبحانه لم يترك شيئا إلا و بينه للناس و جعل في الكتاب دليلا عليه إما بنص أو دلالة 2- تفصيل الله لما يحتاجه الناس من الحلال و ما يجب أن يجتبوه من الحرام 3- استيعاب الدين للفرائض و الحلال و الحرام و جميع الأحكام 4- أنها جاءت لعموم البشر و ليست لطائفة أو جنس معين
+ تجليات شمول الشريعة الإسلامية: الجانب التعبدي (الصلاة ..) مما ينظم علاقة العبد بربه – الجانب الأسري (الزواج..) مما يتصل بتكوين الأسرة و المحافظة عليها من الشتات الانهيار – المبادلات و المعاملات المالية (البيع ..) مما ينظم العلاقات المالية بين الأفراد و الجماعات و الأمم – الجانب الاقتصادي فيما يتعلق بإنتاج الثروة أو توزيعها بما يضمن حقوق جميع الفئات من موارد الدولة و أيضا فيما يتعلق بالفيء و الغنيمة و الخراج و تحريم التعامل بالربا و الاحتكار.. – الجانب الجزائي من قصاص و حدود و تعزير و هو ما يعرف الآن بالقانون الجنائي – الجانب القضائي من دعوى و شهادة و إقرار و يمين و ما يتعلق بتنظيم الإجراءات لرفع النزاع و تحقيق العدل و هو ما يطلق عليه بقانون المرافعات أو المسطرة المدنية – جانب الحكم و ما يتعلق به من وجوب تنصيب إمام و شروطه و كيفية اختياره و عزله و حقوقه و واجباتهو علاقته بالأمة و كذا أهل الحل و العقد و تحديد لعلاقة الحاكم بالمحكومين و تقرير لحقوق الأفراد و الجماعات و هو ما يعرف الآن بالقانون الدستوري – الجانب الدولي م ما يتعلق به من علاقات دولية في حالة الحرب و السلم .
الفصل الثاني : التشريع الإسلامي في عهد الرسول صلى الله
عليه و سلم و الخلفاء الراشدين
المبحث الأول : المرحلة الأولى في التشريع الإسلامي (في عصر النبوة):هي المرحلة الذهبية في تاريخ التشريع الإسلامي و هي منذ بعثة النبي صلى الله عليه و سلم إلى وفاته و هي مرحلة الوحي فقط بحيث كانت الأحكام الشرعية تتنزل على النبي بلفظها (القرآن) و بمعناها (السنة) فيقوم بتبليغها إلى الناس.
- القرآن الكريم (المصدر الأول للتشريع) :
+ مفهومه : هو كلام الله المعجز المنزل على النبي محمد صلى الله عليه و سلم المكتوب بين دفتي المصحف المنقول إلينا بالتواتر المتعبد بتلاوته انزل على النبي منجما بلفظه و معناه و هو أصل الشريعة و دستور المسلمين و عماد الدين.
+ خصائصه : - لفظه و معناه من عند الله و على النبي تبليغه – نزل بلسان عربي مبين – نُقل إلينا بالتواتر – لم يحدث فيه أدنى تحريف أو زيادة أو نقصان – أنه معجز لا يمكن الإتيان بمثله أو بعشر سور من مثله أو بسورة.
- بعض من الأحكام الواردة فيه : أحكام تتعلق بالعقيدة كأركان الإيمان و هي أحكام اعتقادية – أحكام تتعلق بالعبادات – أحكام تتعلق بتصرفات الإنسان و هو ما يطلق عليه مصطلح المعاملات كالبيع و الزواج ..
- أقسامه من حيث الإجمال و التفصيل : - التشريع المجمل و هو معظم العبادات كالصلاة و الزكاة و الحج لأن ذكرها ورد بصفة مجملة و تُرك التفصيل للنبي. – التشريع المفصل و هو الذي وقع فيه البيان في الأحكام كالدفاع عن النفس و الجهاد و تنظيم علاقة المسلمين بغيرهم و قد زاد التفصيل و الإيضاح في السنة – التشريع التفصيلي و هو الذي ذكرت فيه الأحكام بصورة تفصيلية لا إجمال فيها و مثاله القصاص و الحدود و الحلال و الحرام من الطعام و الأيمان و أصول روابط الأسرة – التشريع الذي جاء على شكل قواعد و مبادئ و أصول عامة للتشريع و هي قواعد الاجتهاد.
- خصائص التشريع في العهدين المكي و المدني:
- في العهد المكي : اتجه التشريع إلى إصلاح العقيدة و تعميق جذورها و الحفاظ على تطهيرها و جعل الشهادتين عنوانا لتحقيقها و مفتاحا للدخول في الإسلام و قد اعتمد القرآن الكريم في دعوة الناس إلى الحجج العقلية و ذلك بالنظر في الكون و تدبره , كما اتجه إلى تحسين الأخلاق. و دامت هذه الفترة من البعثة إلى الهجرة 13 سنة.
- في العهد المدني : بعد الهجرة تأسست الدولة الإسلامية و عاصمتها المدينة المنورة فكان الجو ملائما لتشريع ما تقوم عليه أمور المجتمع الإسلامي الجديد فشرعت أحكام الجهاد و البيع و الشراء و الأسرة و الميراث و العقوبات و أنواع المعاملات و حقوق الحاكم و المحكوم .. بالجملة ما ترك التشريع الإلهي أي جانب من جوانب الحياة إلا و تناوله بتنظيم دقيق محكم.
- التشريع في عهد النبي صلى الله عليه و سلم: كان على طريقتين 1- أن تقع حادثة أو تنزل نازلة بالمسلمين تقتضي سؤال النبي عن حكمها فينتظر النبي الوحي فينزل القرآن مبينا الحكم و الجواب عن السؤال. 2- أن ينزل الحكم غير مسبوق بحادثة و لا سؤال غير أن الأحكام التي نزلت بدون أسباب قليلة.
المبحث الثاني : أسس التشريع الإسلامي في عهد النبي صلى الله عليه و سلم :
- التدريج في التشريع : و ذلك أن أحكام القرآن و أحكام السنة لم تنزل دفعة واحدة لا من حيث الزمان و لا من حيث المكان و ذلك لجلب المصلحة و درء المفسدة خصوصا و أن بعض العادات السيئة قد استحكمت في العرب و وجب التدرج في النهي عنها كالخمر , كما أن التشريع كان مجملا في مكة و أصبح مفصلا في المدينة و هذا من التدريج.
- رفع الحرج : أن التشريع لا يريد بالمكلفين إلا التيسير و التخفيف و رفع الحرج عنهم و لا يريد التضييق و التشديد عليهم و الدليل الأول على ذلك آيات منها "يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر" و أحاديث منها " يسروا و لا تعسروا و بشروا و لا تنفروا" أما الدليل الثاني ما ثبت من مشروعية الرخص التي ترفع الحرج كالقصر في الصلاة و الفطر و الجمع و تناول المحرمات عند الاضطرار و كذلك ما جاء في النهي عن التكلف و التنطع و التشدد في الدين.
- النسخ : و هو رفع حكم سابق متقدم بحكم آخر لاحق متأخر و هو من التدرج في التشريع كالصلاة كانت صلاتين فأصبحت خمسا و إنفاق المال كان مطلقا حسب الاختيار و أصبح محددا مقدرا.. و معظم النسخ كان بالمدينة و كان في الجزئيات , أما الكليات و الضروريات و الحاجيات و التحس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق