بسم الله الرحمن الرحيم
سؤال يرد لدى كثير من الناس وهو : كيف أصاب بالمس الشيطاني أو السحر رغم أنني مؤمن أصوم وأصلي وأطهر أموالي بالزكاة والصدقات ، ألا يبعد ذلك عني أذى الشياطين من المس والسحر ؟
بداية اعلم أن المعصية ليست شرطاً لحدوث البلاء فقد ابتلي النبي صلى الله عليه وسلم وهو خير خلق الله ، وعلى كل فالبلاء يكون بحسب بعد الشخص أو قربه من الله ، وهو أربع أنواع لو علمتها لعلمت إجابة سؤالك :
النوع الأول : بلاء الانتقام :
وهذا النوع لا يصيب إلا الكافرين والمنافقين والفاسقين حتى ينتقم الله منهم ويكونون عبرة لغيرهم وأمثالهم من الناس في هذه الحياة الدنيا ، كما حدث مع فرعون وأمثاله .
النوع الثاني : بلاء تذكرة :
وهو أن يكون عبد من عباد الله على معصية وفي غفلة ولكن في قلبه خير يعلمه الله ، فيبتليه الله برحمته بمرض مثلا حتى يتذكر الله ويعود إليه ويكون هذا المرض برحمة الله سبباً في توبة هذا العبد .
أو أن يكون العبد على طاعة ، ولكن بدأ ينحدر و راء المعاصي ، فيبتليه الله حتى يتذكر قدرة الله ، ويعود إلى ما كان عليه من طاعة .
النوع الرابع : بلاء الاختبار :
وهدا النوع يصيب كل من ادعى الإيمان ، قال تعالى : " ألم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ " . العنكبوت 1-3 .
وقال تعالى : " ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين " محمد : 31 .
فإن كان مؤمنا حقا فعليه أن يصبر ويجاهد نفسه ويسأل الله الثبات على دينه حتى يمر هذا البلاء وينجو من هذا الاختبار بإذن الله وإن كان مدعي الإيمان بظاهر جوارحه وليس مؤمناً فسوف ينحدر ولن يستطيع مجاهدة نفسه ولا الصبر على البلاء ويفشل في الاختبار وتظهر حقيقة أمره .
النوع الرابع : بلاء التمحيص والتخفيف ورفع الدرجات :
وهذا النوع من البلاء لا يصيب إلا المؤمن حقاً .
قال تعالى : " أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ [البقرة : 214] . وقال تعالى :" وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة : 155] .
وعن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما يصيب المسمل من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه " .
فانظر في حال نفسك وسل نفسك من أنت من هؤلاء الأربع ؟ فإن كنت الأول فنعوذ بالله من ذلك ، وحاول الرجوع إلى الله قبل فوات الأوان . وإن كنت من النوع الثاني فأسأل الله أن يردك إليه وأن يكون بلاء تذكرة ورحمة . وإن كنت من النوع الثالث فاسأل الله الثبات وجاهد نفسك وصبرها على الحق حتى تنجو من هذا الاختبار . وإن كنت من النوع الرابع فعليك أن تصبر وتحمد الله أنه أراد أن يطهرك في الدنيا قبل أن تلقاه في الآخرة .
وعلى كل فلو أن المؤمن أصيب بمس أو سحر فلن يتأثر به بقدر ما يتأثر به الفاسق أو المنافق إذا أصيب بهذا الأمر .
والله تعالى أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
------------------------
المرجع : الرد المبين – إبراهيم عبدالعليم 225 – 228 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق