بداية السحر
فى عهد سليمان كانت الشياطين تصعد إلى السماء فتقعد منها مقاعد للسمع فيستمعون من كلام الملائكة ما يكون فى الأرض من موت أو غيب أو أمر فيأتون الكهنة فيخبرونهم فتحدث الكهنة الناس فيجدونه كما قالوا, فلما آمنت الكهنة كذبوا لهم وأدخلوا فيه غيرة فزادوا مع كل كلمة سبعين كلمة (وقيل مائة) فاكتتب الناس ذلك فى الحديث فى الكتب وفشا ذلك فى بنى إسرائيل ان الجن تعلم الغيب فبعث سليمان فى الناس فجمع تلك الكتب فجعلها فى صندوق ثم دفنها تحت كرسيه ولم يكن أحد من الشياطين يستطيع أن يدنو من الكرسى إلا احترق، وقال لا أسمع أحد يذكر أن الشياطين تعلم الغيب إلا ضربت عنقه.
فلما مات سليمان وذهب العلماء الذين كانوا يعلمون أمر سليمان وخلف من ذلك خلف تمثل لهم الشيطان فى صورة إنسان ثم أتى نفراً من بنى إسرائيل فقال لهم هل أدلكم على كنز لا تأكلونه أبداً قالوا:نعم، قال: فاحفروا تحت الكرسى فذهب معهم وأراهم المكان وأقام ناحيته فقال له فادن فقال: لا ولكن هاهنا فى أيديكم فإن لم تجدوه فاقتلونى، فحفروا فوجدوا تلك الكتب.. فلما أخرجوها قال الشيطان إن سليمان إنما يضبط الإنس والشياطين والطير بهذا السحر ثم طار وذهب.. وفشا فى الناس أن سليمان كان ساحراً، واتخذت بنوا اسرائيل تلك الكتب فلما جاء محمد صلى الله عليه وسلم سأله اليهود عن السحر فأنزل الله عز و جل:
{وأتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه و ما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون}[البقرة:102]
ويقال أيضا أن الشياطين عمدوا إلى كتاب فاكتتبوا فيه السحر والكهانة و ما شاء الله من ذلك فدفنوه تحت الكرسى مجلس سليمان وكان عليه السلام لا يعلم الغيب فلما فارق سليمان الدنيا استخرجوا هذا السحر وخدعوا الناس وقالوا هذا علم كان سليمان يكتمه ويحسده الناس عليه، فلما أخبر النبى بذلك لليهود عندما سألوه، فرجعوا من عنده و قد أدحض الله حجتهم.
وقال مجاهد: كانت الشياطين تستمع الوحى فما سمعوا من كلمة زادوا فيها مائتين مثلها فأرسل سليمان عليه السلام إلا ما كتبوا من ذلك، فلما توفى سليمان وجدته الشياطين وعلمته الناس وهو السحر، وقال محمد ابن إسحاق بن يسار: عمدت الشياطين حين علمت بموت سليمان بن داود عليه السلام فكتبوا أصناف السحر، من كان يحب أن يبلغ كذا وكذا فليكتب كذا وكذا حتى إذا صنعوا أصناف السحر جعلوه فى كتاب ثم ختموه بخاتم على نفس خاتم سليمان وكتبوا فى عنوانه، هذا ما كتب آصف بن برخيا الصديق لسليمان بن داود من ذخائر كنوز العلم.. ثم دفنوه تحت كرسيه، واستخرجته بعد ذلك بقايا بنى إسرائيل حتى أحدثوا ما أحدثوا، فلما عثروا عليه قالوا: والله ما كان ملك سليمان إلا بهذا، فأفشوا السحر فى الناس فتعلموه وعلموه، فليس هو فى أحد أكثر من اليهود لعنهم الله.
معنى السحر:
هو العمل الذى يقوم به شخص معين تتوافر فيه شروط مخصوصة تحت ظروف واستعدادات غير مألوفة، وبطرق سرية غامضة، و ذلك للتأثير على شخص أو جملة أشخاص برغم إرادتهم لتحقيق غرض معين له، أو موصى به¹.
وقال ابن قدامة المقدسى:
هو عقد ورقى وكلام يتكلم به أو يكتبه، أو يُعمل شيئا يؤثر فى بدن المسحور أو قلبه أو عقله من غير مباشرة له، ومنه ما يفرق بين المرء وزوجه، وما يبغض أحدهما إلى الآخر أو يحبب بين اثنين.
تعريف السحر:
هو اتفاق بين ساحر وشيطان على أن يقوم الساحر بفعل بعض المحرمات أو الشركيات فى مقابل مساعدة الشيطان له وطاعته فيما يطلب منه.أه.
ومن السحرة من يرتدى المصحف فى قدميه يدخل به الخلاء، ومنهم من يكتب آيات من القرآن بالقزارة، ومنهم من يكتبها بدم الحيض، ومنهم من يكتب آيات من القرآن على أسفل قدميه، ومنهم من يكتب الفاتحة معكوسة، ومنهم من يصلى بدون وضوء، ومنهم من يظل جنباً، ومنهم من يذبح للشيطان فلا يذكر اسم الله عند الذبيحة فى مكان يحدده له الشيطان، ومنهم من يخاطب الكواكب ويسجد لها من دون الله، ومنهم من يأتى أمه أو ابنته، ومنهم من يكتب طلسماً بألفاظ غيرعربية تحمل معان كفرية.
حكم من يذهب للسحرة
عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم :(من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)³
وروى مسلم فى صحيحه عن بعض أزواج النبى صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً).
وعن عمران بن الحُصين رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( ليس منا من تطير أو تُطير له تكهن أو تُكهن له أو سحر أو سُحر له ومن أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد)⁴
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( اجتنبوا السبع الموبقات⁵ قالوا: ما هن يا رسول الله؟ قال الإشراك بالله والسحر وقتل النفس التى حرم الله قتلها إلا بالحق، وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولى يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات).
وهنا أقف أمام محراب البلاغة والفصاحة والعلم والبيان، لماذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم السحر بعد الشرك بالله؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق